يبدأ المستقبل المهني الناجح من مرحلة الدراسة، وكطالب يريد الوصول لوظيفة جيدة في مجال شغفه بعد التخرج فالتخطيط المهني في تلك المرحلة المبكرة من شأنه أن يختصر عليك الكثير من الوقت.
حيث سيساعدك التخطيط المهني على تحديد نقاط ضعفك بشكل صحيح والتطوير منها بالطرق المثلى ناهيك عن تحديد نوع الوظيفة المناسب لك من البداية والحصول على راتب مرتفع مقارنة بباقي حديثي التخرج.
ومع التنافسية الشديدة في سوق العمل في الوقت الحالي أصبح التعرف على ممارسات وخطوات التخطيط المهني للطلاب أمرًا لا غنى عنه لتضع قدمك على أول طريق تحقيق أهدافك الوظيفية.
ما هو التخطيط المهني؟
للتخطيط المهني الكثير من التعريفات التي تتناوله من جوانب مختلفة، ولكنه ببساطة عملية الوصول لأفضل مسار مهني ممكن عبر استخدام استراتيجيات معينة مثل تحديد نقاط قوتك وشغفك وفرص سوق العمل وغيرها.
ودراسة كل تلك العناصر يساعدك في النهاية على اتخاذ قرارات مدروسة تجمع بين اهتماماتك الشخصية ومتطلبات سوق العمل الحالي لتخرج في النهاية بأفضل مركز وظيفي لك بشكل خاص.
ولا يقتصر التخطيط المهني على فئات محددة فقط مثل الطلاب أو الخريجين، بل يمكن القيام به خلال فترة التعليم أو التدريب والتطوع بعد ذلك أو حتى خلال التطوير الذاتي وبناء الخبرة.
ولذلك فهو عملية مستمرة لا تتوقف إلا بتوقفك عن العمل، والجدير بالذكر أنك كلما بدأت باكرًا كلما حققت نتائج أفضل، ولذلك فالتعرف عليه في مرحلة الدراسة يعد كنزًا بالنسبة للطلاب.
أهمية التخطيط المهني للطلاب
يقلل الكثير من الطلاب من قيمة التخطيط المهني، حيث في الغالب ما يركزون على اجتياز اختباراتهم الحالية ويهملون التخطيط على المدى الطويل، ولكن من شأن الاهتمام بالتخطيط المهني للطلاب أن يعود عليهم بالكثير من الفوائد.
أبرزها هي:
1. التعرف على نفسك بشكل أفضل: أغلب الطلاب مشتتون ولا يعرفون ما الذي يريدونه بالضبط والوظائف التي تتناسب مع ميولهم وقدراتهم وفي نفس الوقت تناسب سوق العمل، ويساعد التخطيط المهني للطلاب على حل تلك المشكلة ووضع مسار واضح لهم في هذا الصدد.
2. اتخاذ قرارات مستنيرة: يزودك التخطيط الوظيفي بالكثير من المعلومات المفيدة سواء عن تخصصك أو شغفك واهتماماتك أو حتى عن سوق العمل والوظائف المطلوبة فيه، والتي كلها تجعلك تأخذ أفضل القرارات الممكنة.
3. زيادة الراتب المتوقع: إذا قمت بالتخطيط المهني واكتساب المهارات المطلوبة لمجالك وبنيت شبكة علاقات مهنية جيدة فبالتأكيد ستحصل على فرص أفضل وستتمكن من تحقيق أرباح أكثر مقارنة بالطلاب العاديين الذين لا يخططون لما بعد التخرج.
4. تقليل الخوف من المستقبل: يخاف كل الطلاب تقريبًا من المستقبل المجهول بعد التخرج ومواجهة سوق العمل بشكل فعلي، ولكن عبر التخطيط المهني فلن تمتلك فقط المتطلبات التي تؤهلك للعمل بشكل سلس، بل أيضًا ستعطيك الكثير من البدائل في حالة حدوث أي خطأ خلال عملك.
5. ضمان الأمان الوظيفي: لا يقتصر التخطيط الوظيفي على التحضير للوظائف قبل الحصول عليها فقط، بل يجعلك أيضًا على علم بأهم التحديثات في مجالك وأبرز المهارات التي عليك تعلمها لتكون مواكبًا للتطورات المختلفة، وهو ما يجعل من المستحيل الاستغناء عنك ويعزز من أمانك الوظيفي.
6. الوصول لأفضل مهنة ممكنة: يظن الكثير من الطلاب أن أفضل وظيفة هي الأعلى أجرًا فقط مع عدم الاهتمام بباقي الجوانب الهامة كمستقبل الوظيفة وارتباطها بشغفك ومدى المرونة التي توفرها لك وتوافقها مع حياتك الشخصية، وتوضح لك عميلة التخطيط المهني تلك التفاصيل بشكل جلي.
خطوات التخطيط المهني للطلاب
يمكن القيام بالتخطيط المهني للطلاب عبر العديد من الممارسات المختلفة بحسب مجالك وشغفك وتفكيرك، وأهم الخطوات التي تحتاج للمرور عليها للقيام بذلك بأقصى كفاءة ممكنة هي:
1. التقييم الذاتي وتحديد اهتماماتك
يعد الوعي بذاتك هو أساس التخطيط المهني بالنسبة للطلاب، فبناءً على معرفة ما الذي تبرع فيه وما الذي تريد القيام به في المستقبل والخبرات السابقة التي تمتلكها، ستستطيع معرفة كيف تستغل كل ذلك لتحدد مجال العمل المناسب لك.
ويوجد بعض الأسئلة التي ستساعدك الإجابة عليها على تقييم ذاتك بشكل صحيح وامتلاك رؤية أعمق لأهدافك المهنية المتوقعة لكي تبني عليها في الخطوة القادمة، وأهم تلك الأسئلة هي:
- ما هي نقاط قوتي وضعفي؟
- ما نوع بيئة العمل التي أفضلها؟
- ما أهم اهتماماتي وهواياتي؟
- ما هي أبرز إنجازاتي ونجاحاتي السابقة؟
- ما أكثر المواد الدراسية التي أحبها؟
- ما أهم القيم الحياتية التي أقدرها؟
- ما الوظائف والتدريبات السابقة التي حظيت بها؟
- ما المهارات التي تميزني عن غيري؟
- هل تؤهلني مؤهلاتي الحالية للعمل في مجالي؟
- ما هو الموضوع الذي أمتلك معرفة كبيرة به؟
2. استكشاف التخصصات والوظائف
بعد أن قمت بتحديد كافة الجوانب والتفاصيل الخاصة بك كشخص فالآن عليك أن ترى الخيارات المتاحة في سوق العمل التي تتناسب مع تلك المعلومات، وستقوم فيها ببساطة بتقليل دائرة البحث في المجالات التي تناسبك.
ومن الصعب جدًا أن أعطيك أي ترشيحات في تلك النقطة حيث لكل مجال وتخصص عدد كبير من الوظائف المختلفة، ولكن لا تقلق فيوجد بعض الأنواع الثابتة التي لن تخرج عنها وظيفتك مهما كانت إجاباتك في النقطة السابقة، وأهمها هي:
الوظائف التقنية: هي الوظائف المتعلقة بأي نوع من الأنظمة التكنولوجية سواء فيما يتعلق بالتطوير أو الصيانة أو التحليل مثل البرمجة وهندسة الشبكات وتحليل البيانات.
الوظائف الإدارية: هي نوعية الوظائف التي تهتم بالتنظيم والإشراف والتنسيق واتخاذ القرارات سواء على مستوى بسيط كالمساعدين الإداريين أو على مستوى أكبر مثل مديري المشاريع.
الوظائف التعليمية: هي الوظائف القائمة على تدريس الآخرين وإرشادهم ونقل معرفتك لهم مهما كانت مثل المدرسين والأساتذة الجامعيين والمستشارين أيضًا.
وظائف الرعاية الصحية: هي وظائف لا تحتاج إلى الكثير من الشرح، فهي المختصة بالقطاع الصحي بشكل عام مثل الأطباء والممرضين والصيادلة.
الوظائف المالية والمحاسبية: تقوم تلك الوظائف على إدارة الأموال وإعداد الميزانيات والتقارير وتحليل البيانات المالية بشكل دوري أيضًا مثلما يفعل المحاسبون ومستشارو الضرائب.
وظائف العلوم والتكنولوجيا: هي من أكثر الوظائف المحبوبة نظرًا لكونها تدرس المشاكل التي تواجهنا وتحاول العمل على حلها عبر الوسائل العلمية المختلفة وأبرزها هي الباحثون والمهندسون والعلماء.
وظائف التسويق والمبيعات: تعد من أكثر الوظائف الشائعة وتركز بشكل خاص على الترويج للمنتجات والخدمات والتواصل مع العملاء مثلما يفعل مسؤولو التسويق ومندوبو المبيعات.
الوظائف الفنية والإبداعية: هي من أكثر الوظائف ربحية، ويمكن العمل بها أيضًا في كل المجالات تقريبًا، وهي تمثل مختلف أنواع الفنانين مثل المصممين والمصورين والممثلين وغيرهم.
3. اتخاذ القرار المهني المناسب
الآن أنت تمتلك معرفة جيدة عن نفسك وعن أهم التخصصات المطلوبة في سوق العمل، ولكي تستطيع التوفيق بينهما بشكل صحيح سيكون عليك وضع بعض المعايير الهامة في الاعتبار، وأهمها هي:
أ) أهدافك الشخصية والمهنية: أهدافك المهنية والشخصية هي المعيار الأساسي لأخذ القرارات المناسبة خلال التخطيط المهني للطلاب، والتي تكون في الغالب أشياء مثل الشغف الشخصي والتوازن بين الحياة والعمل.
بجانب الاستقرار المادي على المدى القصير والطويل ومدى مرونة الوظيفة وتفضيلك لطريقة عمل معينة سواء بشكل جماعي أو منفرد وسهولة الوصول لمناصب عليا أيضًا.
ب) المهارات والقدرات الخاصة بك: تؤثر مهاراتك الشخصية بشكل كبير على المسار الوظيفي المناسب لك، لذلك قم بجمع المهارات والقدرات التي تستطيع القيام بها وقارنها بمتطلبات الوظائف المختلفة وستحدد المهنة المثالية لك في النهاية.
ج) قيمك وتجربتك الشخصية: تلعب قيمك الشخصية وتجاربك السابقة دورًا كبيرًا في اتخاذ القرار المهني المناسب، لذلك ادرس القيم التي تميز بيئات عمل الوظائف المختلفة.
وحاول أن تضع الوظائف والتدريبات والأعمال التطوعية التي عملت بها في السابق ومدى راحتك فيها في الاعتبار لتجد وظيفة أحلامك.
د) الفرص المتاحة في سوق العمل: تختلف الفرص المتاحة في كل وظيفة تبعًا للكثير من المعايير مثل تشبع السوق والمهارات المطلوبة ومستوى التنافس وغيرها من الأسباب الأخرى التي تؤثر بالتأكيد على عملية التخطيط المهني للطلاب.
وبإلقاء نظرة على الإعلانات الوظيفية لكل مجال وخبرات العاملين فيها ستتعرف على مستويات الدخل التي تميزها وبيئتها الوظيفية ومدى استقرارها أيضًا، وستعرف المجال المناسب لك في النهاية بالتأكيد.
ه) البدائل المهنية المتواجدة: لبعض المهارات العديد من البدائل الوظيفية التي تضمن لك القدرة على تغيير مسارك المهني في حالات الضرورة بكل سهولة، لذلك ضع إمكانية العمل في مجال له بعض الفرص المختلفة في الاعتبار لكي تكون مستقرًا على المدى الطويل.
و) الاتجاهات المستقبلية للمهن: بعض المهن التقليدية تسير تسير نحو الانقراض في ظل التطور الحالي، لذلك ضع مستقبل المسار المهني الذي ستختاره في الاعتبار.
وذلك عبر متابعة التقارير العالمية الخاصة بأكثر المهن المطلوبة لكي تكون دائمًا على المسار الصحيح، فالاستثمار في مهنة ذات مستقبل واعد يعطيك أمان وظيفي لا يُقدر بثمن.
4. وضع خطة مهنية متقنة
لإتمام عملية التخطيط المهني للطلاب لم يتبقَّ لك سوى أن تقوم بإعداد خطة مهنية متقنة تساعدك على الوصول للمركز الوظيفي الذي حددته مسبقًا بأقل مجهود ووقت ممكنين، وأهم خطوات القيام بتلك الخطة هي:
أ) تحديد المهنة والهدف بوضوح: بعد أن تعرفت على أهم اهتماماتك ووظائف سوق العمل وكيفية اتخاذ القرار المناسب، فعليك أن تضع الهدف الوظيفي الذي خرجت به من كل تلك الخطوات بشكل واضح لتبني عليه فيما بعد.
ب) تحديد الفجوات وتطويرها: بعد اختيار المهنة والمجال بشكل واضح فيوجد بعض الفجوات في المهارات والمعلومات التي سيكون عليك سدها بالتأكيد، سواء عبر أخذ الكورسات أو التدريب أو حتى إنهاء الدراسة الجامعية، وهو ما عليك التخطيط له بالتفصيل في هذه الخطوة.
ج) ترتيب أولويات التعلم: يوجد دائمًا الكثير من المهارات لتتعلمها مهما كان المجال أو الوظيفة التي تقوم بالتخطيط المهني لها، ولذلك عليك أن تقوم بترتيب أولوياتك في التعلم بشكل صحيح وبحسب الأهمية، وهو ما تستطيع أخذ فكرة جيدة عنه بالنظر في إعلانات الوظائف ومتطلباتها الأساسية.
د) وضع خطة عمل زمنية: في الغالب لا تتم الأهداف الوظيفية بين يوم وليلة، إنما تتحقق على شكل أجزاء مع مرور الوقت، لذلك خلال التخطيط المهني لنفسك كطالب راعي وضع أهداف واضحة ومحددة وعلى فترات قصيرة ومتوسطة وطويلة الأمد لتشعر بإنتاجيتك وبتقدمك مع الوقت.
ه) مراجعة وتقييم الخطة بشكل دوري: مهما كانت الخطة المهنية متقنة عند القيام بها في البداية، إلا أنك بالتأكيد ستحتاج لتعديلها باستمرار خصوصًا إذا كنت لازلت في مراحل دراسية مبكرة، حيث تتغير المجالات وأولوياتها في التعلم باستمرار وهو ما سيكون عليك مواكبته.
اقرأ أيضًا: أخطاء الدراسة الشائعة العشر التي تمنعك من التفوق وكيف تتجنبها
نصائح مفيدة للتخطيط المهني للطلاب
من شأن تطبيق بعض النصائح الجانبية اختصار الكثير من الوقت والجهد في عملية التخطيط المهني، وستجعلك تتجنب الوقوع في عدد كبير من الأخطاء الشائعة.
وأهم تلك النصائح هي:
1. ابدأ مبكرًا قدر الإمكان: كلما بدأت في التخطيط المهني في وقت أبكر كلما زادت فرصتك في استكشاف اهتماماتك واتخاذ قرارات صحيحة في فترات حرجة تؤثر على مستقبلك بشكل كبير، بجانب إعطائك وقتًا أكبر لتحقيق تلك الأهداف والتفوق على باقي الطلاب.
2. استخدم الأهداف الذكية: هي طريقة تحدد بها الأهداف عبر خمسة معايير، وهي أن تكون واقعية وقابلة للقياس وقابلة للتحقيق ومحددة ومرتبطة بوقت معين، وهي من أفضل الطرق على الإطلاق لوضع الأهداف وتحقيقها.
3. كون شبكة علاقات مهنية: تلعب العلاقات دورًا كبيرًا في الحصول على وظيفة جيدة، وهي عنصر أساسي من عناصر التخطيط المهني للطلاب، ويمكنك تكوين تلك العلاقات عبر الكثير من الطرق مثل المؤتمرات المهنية والأنشطة الجامعية والتدريب في الشركات.
4. اهتم بالمهارات الناعمة: يركز الكثيرون خلال التخطيط المهني للطلاب على المهارات العملية ويهملون المهارات الناعمة مثل التواصل وحل المشكلات التي لا تقل عنها في الأهمية على الإطلاق، كما تلعب دورًا كبيرًا في نجاحك في بيئات العمل المختلفة.
5. استغل فرص التدريب والعمل بدوام جزئي: تعد التجربة العملية بمثابة دليل واضح على كونك مؤهلًا للعمل في الوظيفة التي تريدها، ويمكنك الحصول على تلك الخبرة عبر فرص التدريب التى توفرها الشركات للطلاب بجانب العمل بدوام جزئي وبعض فرص التطوع أيضًا.
6. حافظ على التفوق الأكاديمي: على التفوق الأكاديمي دائمًا أن يكون أولويتك الأولى إذا كنت طالبًا جامعيًا خصوصًا إذا كنت ستعمل في نفس مجال دراستك بعد ذلك، فحتى إذا لم تستخدم تلك الدرجات في العمل فستفيدك في بعض المواقف الأخرى كالمنح مثلًا إذا كانت جزءًا من خطتك المهنية.
7. تحدث مع المحترفين: أغلب من يقومون بالتخطيط المهني للطلاب يهملون التحدث مع المحترفين والخبراء والحصول على نصحية منهم بالرغم من كونها خطوة هامة جدًا، وقد توفر عليك القيام بالكثير من الأخطاء المدمرة وتختصر الكثير من الوقت في تحديات خاضوها قبلك بالفعل.
الخلاصة
يختلف سوق العمل حاليًا بشكل ضخم عن آخر عشر سنوات ولا زال مستمرًا في التطور يومًا بعد يوم، وهو ما يعكس بشكل جلي أهمية التخطيط المهني بالنسبة للطلاب بمختلف تخصصاتهم ومجالاتهم.
حيث سيساعدك وضع خطة محكمة خلال فترة الدراسة في منعك من التشتت والحفاظ على وقتك وجعلك تركز على تعلم المهارات الهامة التي ستفيدك فعلًا للحصول على وظيفة في المستقبل.
وبمعرفة أهمية التخطيط المهنى وخطوات القيام به وأهم النصائح لاستغلاله التي ذكرناها خلال المقال ستصل لنتائج لا تتخيلها وستتفوق على أغلب منافسيك في فترة وجيزة جدًا.