لو كنت تستخدم الإنترنت، وكان لك دراية ولو صغيرة بعالم البرمجيات، فهناك احتمال كبير أنك قد سمعت من قبل مصطلح مفتوح المصدر أو مصدر مفتوح Open-source، وبالطبع تتسأل ما هو معنى كلمة مفتوح المصدر؟ ولماذا هناك بعض البرامج أو اللغات البرمجية أو أنظمة التشغيل التي يطلق عليها دون غيرها أنها مفتوحة المصدر؟
في هذا المقال سوف أوضح لك مفهوم Open-source بشكل مبسط وسهل، وسوف أتناول الكثير من الجوانب الأخرى المرتبطة بهذا الموضوع، لكي في النهاية أتركك وقد فهمت فكرة مفتوح المصدر بشكل يُمَكنك من شرحها للآخرين.
ما معنى مفتوح المصدر Open source؟
مفتوح المصدر أو Open source هي صفة أو خاصية يتم اطلاقها على برنامج، أو لغة برمجة، أو نظام تشغيل، يوفر مالكها أو مخترعها الأكواد الأساسية والمصدر الأصلي و الخوارزميات الخاصة بها، وذلك من أجل إعادة البرمجة والتعديل، وإعادة التوزيع والمشاركة وفقاً لمتطلبات كل مستخدم.
البرامج أو اللغات مفتوحة المصدر تفتح المجال أمام مستخدميها للمشاركة في تحسين الأكواد وتنقيحها، وحل المشكلات المتعلقة بها، وأيضاً تفتح المجال أمام مستخدميها لتعديلها وتكييفها وفقاً لطبيعة الاستخدام الخاصة بكل مستخدم.
البرامج أو اللغات البرمجية مفتوحية المصدر تحصل على وتيرة تطوير أسرع وأفكار متعددة للتحسين، لانه بفتح المصدر يُتيح المخترع للآخرين إمكانية التحقق من خلو البرنامج من أجزاء تجسسية أو فيروسات أو ثغرة أمنية أو ما شابه.
البرنامج مفتوح المصدر أيضاً يسمح للمبرمجين الآخرين بادخال تعديلات على الكود الأصلي، لذا يتم إخراج برامج جديدة من الأكواد الأصلية، وهكذا لا نضطر لإعادة إختراع برامج جديدة من الصفر.
ما هي الشروط العشرة لكي يكون البرنامج مفتوح المصدر؟
يوفر تعريف مفتوح المصدر Open Source المعترف به دوليًا عشرة معايير أساسية، يجب انطباق هذه المعايير العشرة على أي ترخيص برنامج أو لغة برمجة ليتم تسميته بإسم برنامج مفتوح المصدر Open Source Software.
يجب أن يكون البرنامج المرخص تحت ترخيص Open Source معتمداً ومتوافقاً مع مبادرة المصدر المفتوح لتعزيز وحماية البرامج والمشروعات والمجتمعات المفتوحة المصدر (Open Source Initiative (OSI.
وهذه هي الشروط العشرة لمنح رخصة برنامج مفتوح المصدر:
1. إعادة توزيع مجاني Free Redistribution
يمكن لأي طرف بيع أو توزيع البرنامج مفتوح المصدر، ويمكن لأي شخص أو مؤسسة بيع البرنامج كجزء بين مجموعة برامج أخرى، ولا يتطلب دفع أية رسوم مقابل هذا البيع.
2. كود المصدر Source Code
يجب أن يشتمل البرنامج أو لغة البرمجة على كود المصدر Source Code، ويجب أن يكون كود المصدر متاحاً للجميع. و في الحالات التي لا يتم فيها توزيع البرنامج مع كود المصدر، يجب أن تكون هناك وسيلة معروفة جيداً للحصول على الكود المصدري، ويجب أن تكون تكلفة النسخ بسعر معقول، ويفضل أن يكون تنزيلها عبر الإنترنت دون مقابل.
3. الأعمال المشتقة Derived Works
يُسمح بإجراء تعديلات وأعمال مشتقة على كود المصدر، لإنتاج برامج جديدة فرعية، ويجب أن يُسمح بتوزيعها بموجب نفس شروط ترخيص البرنامج الأصلي.
4. سلامة كود المصدر للمؤلف Integrity of The Author’s Source Code
يجوز تقييد توزيع كود المصدر في شكل معدل فقط، وذلك إذا كان الترخيص يسمح بتوزيع ملفات التصحيح Patch Files مع كود المصدر، لغرض تعديل البرنامج أثناء إعادة البرمجة.
يجب أن يسمح الترخيص صراحة بتوزيع البرامج المدمجة من كود المصدر المعدل، و قد يتطلب الترخيص أعمالًا مشتقة لحمل اسم أو رقم إصدار مختلف من البرنامج الأصلي.
5. لا تمييز ضد أشخاص أو مجموعات بعينها No Discrimination Against Persons or Groups
يجب ألا يميز الترخيص ضد أي شخص أو مجموعة من الأشخاص، فكل من يقرر الحصول على الترخيص والعمل على تعديله ومشاركته ونشره سواسية، سواءً كان شخص واحد أو مجموعة من الأشخاص.
6. لا تمييز في الاستخدام ضد مجالات بعينها No Discrimination Against Fields of Endeavor
يجب ألا تُقيد الرخصة أي شخص من الاستفادة من البرنامج أو لغة البرمجة في مجال معين، ولكن الإستفادة منها متاحة في جميع المجالات بدون تمييز.
7. توزيع الرخصة Distribution of License
يجب أن تنطبق حقوق الترخيص الملحقة بالبرنامج أو لغة البرمجة على جميع الأشخاص الذين تتم إعادة توزيع البرنامج عليهم، دون الحاجة إلى تنفيذ ترخيص إضافي من قبل هؤلاء الأطراف.
8. يجب ألا يكون الترخيص محدد بمنتج معين License Must Not Be Specific to a Product
يجب ألا تعتمد الحقوق المرتبطة بالبرنامج على كون البرنامج أو لغة البرمجة جزءًا من توزيع برنامج أخر، ففي حالة استخراج البرنامج من هذا التوزيع و استخدامه، أو توزيعه ضمن شروط ترخيص البرنامج المرتبط به.
يجب أن يكون لدى جميع الأطراف الذين تتم إعادة توزيع البرنامج لهم نفس الحقوق، مثل تلك التي يتم منحها بالتزامن مع توزيع البرامج الأصلي.
9. لا يجب أن يقيد الترخيص برامج أخرى License Must Not Restrict Other Software
يجب ألا تضع الرخصة قيودًا على البرامج الأخرى التي يتم توزيعها مع البرنامج المرخص، فعلى سبيل المثال يجب ألا يصر الترخيص على أن تكون جميع البرامج الأخرى الموزعة على نفس الوسائط برامج مفتوحة المصدر.
10. يجب أن يكون الترخيص محايداً License Must Be Technology-Neutral
لا يجوز أن يستند أي شرط من شروط الترخيص إلى أي تقنية فردية أو إستخدام واجهة مستخدم User Interface معينة، فيجب أن يعمل الترخيص تحت أي ظرف من الظروف بشكل طبيعي.
اقرأ أيضًا: ما هو الأردوينو Arduino ومميزاته واستخداماته
ما الفرق بين البرامج مفتوحة المصدر والبرامج مغلقة المصدر؟
أولاً البرامج مغلقة المصدر (Closed Source Software)
في البرامج مغلقة المصدر، يملك مطورو البرنامج أو الشركة المصنعة جميع حقوق التحكم والتعديل في الأكواد البرمجية. لا يُتاح للمستخدمين الوصول إلى الأكواد الأصلية للبرنامج، مما يعني أنهم لا يستطيعون تخصيص البرنامج وفقًا لاحتياجاتهم الخاصة.
يعتمد المستخدمون في هذا النوع من البرمجيات على الشركة المصنّعة لإصلاح الأخطاء، إصدار التحديثات، وإضافة الميزات الجديدة.
العيوب:
- عدم القدرة على تخصيص أو تعديل البرنامج وفقًا لاحتياجات المستخدم.
- الاعتماد الكامل على الشركة المصنعة في الصيانة والدعم.
- قد يكون هناك تكاليف عالية للترخيص واستخدام البرامج.
المزايا:
- غالبًا ما تأتي مع دعم رسمي من الشركة المطورة.
- قد تتضمن واجهات مستخدم أكثر سهولة واستهدافًا لفئات واسعة من المستخدمين.
أمثلة على البرامج مغلقة المصدر:
- Microsoft Windows: نظام تشغيل مغلق المصدر تُصدره شركة مايكروسوفت، ويُعد واحدًا من أشهر أنظمة التشغيل في العالم.
- Adobe Photoshop: برنامج لتحرير الصور من شركة Adobe، يُعتبر البرنامج الأول في مجاله ولكنه مغلق المصدر.
ثانياً البرامج مفتوحة المصدر (Open Source Software)
البرامج مفتوحة المصدر، على النقيض، توفر للمستخدمين الوصول الكامل إلى الأكواد البرمجية. يمكن للمستخدمين الاطلاع على الأكواد، تعديلها، ومشاركتها مع الآخرين بحرية تامة. هذه البرامج تعتمد على مجتمع كبير من المطورين للعمل بشكل تعاوني على تحسينها وتطويرها.
العيوب:
- قد لا يكون هناك دعم فني رسمي متاح دائمًا (معتمد على المجتمع).
- بعض المستخدمين قد يجدون البرامج معقدة بسبب الحاجة إلى تخصيصها أو إعدادها يدويًا.
المزايا:
- مرونة كبيرة في التعديل والتخصيص.
- دعم مجتمعي واسع وتطوير مستمر من قبل آلاف المبرمجين.
- غالبًا ما تكون البرامج مجانية أو تكلفتها قليلة جدًا.
أمثلة على البرامج مفتوحة المصدر:
- Linux: نظام تشغيل مفتوح المصدر يُستخدم بشكل واسع في خوادم الإنترنت والحواسيب الفائقة.
- WordPress: نظام إدارة محتوى مفتوح المصدر يستخدم لإنشاء وإدارة مواقع الويب.
هل البرامج مفتوحة المصدر مهمة فقط لمبرمجي الكمبيوتر؟
بالتأكيد أن التكنولوجيا المفتوحة المصدر والتفكير المفتوح المصدر كلاهما يفيد المبرمجين وغير المبرمجين، ونظرًا لأن المخترعين الأوائل قاموا ببناء جزء كبير من الإنترنت على تقنيات مفتوحة المصدر، مثل نظام التشغيل Linux وتطبيق خادم الويب Apache فإن أي شخص يستخدم الإنترنت اليوم يستفيد من البرامج مفتوحة المصدر.
في الحقيقة في كل مرة يقوم فيها مستخدمو الكمبيوتر بمشاهدة صفحات ويب، أو التحقق من البريد الإلكتروني، أو الدردشة مع الأصدقاء، أو بث الموسيقى عبر الإنترنت، أو تشغيل ألعاب فيديو متعددة اللاعبين، فإن أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم أو هواتفهم المحمولة تتصل بشبكة عالمية من أجهزة الكمبيوتر، التي تستخدم برامج مفتوحة المصدر لتوجيه ونقل البيانات إلى الأجهزة المحلية لديهم.
عادةً ما تكون أجهزة الكمبيوتر التي تقوم بكل هذا العمل المهم، موجودة في أماكن بعيدة لا يراها المستخدمون بالفعل، أو لا يستطيعون الوصول إليها فعلياً، وهذا هو السبب في أن بعض الأشخاص يطلقون على أجهزة الكمبيوتر هذه أجهزة الكمبيوتر المتحكمة عن بعد Remote Computers.
يعتمد الناس أكثر فأكثر على أجهزة الكمبيوتر المتحكمة عن بعد عند تنفيذ المهام التي قد يقومون بها على أجهزتهم المحلية، فعلى سبيل المثال: قد يستخدمون معالجة النصوص عبر الإنترنت وإدارة البريد الإلكتروني وبرامج تحرير الصور، التي لا يقومون بتثبيتها وتشغيلها على أجهزة الكمبيوتر الشخصية الخاصة بهم.
حيث يقومون ببساطة بالوصول إلى هذه البرامج على أجهزة الكمبيوتر البعيدة باستخدام مستعرض ويب أو تطبيق للهاتف المحمول، و عندما يفعلون ذلك، فإنهم يشاركون في “الحوسبة البعيدة”.
من أهم أشكال البرامج المفتوحة المصدر هي الحوسبة السحابية Cloud Computing أو الحوسبة عن بُعد، لأنها تتضمن أنشطة مثل تخزين الملفات ومشاركة الصور أو مشاهدة مقاطع الفيديو، وهي التي لا تتضمنها الأجهزة المحلية فحسب، بل أيضًا شبكة عالمية من أجهزة الكمبيوتر البعيدة.
الحوسبة السحابية Cloud Computing هي جانب متزايد الأهمية في الحياة اليومية مع الأجهزة المتصلة بالإنترنت، وتعد بعض تطبيقات الحوسبة السحابية، مثل Google Drive ملكية خاصة للمستخدمين مفتوحة المصدر، حيث تتيح مشاركة الملفات ونسخها وتنزليها من قبل أي شخص أخر.
لماذا يختار الكثيرون البرمجيات مفتوحة المصدر؟ أهم الفوائد التي تجعلها الخيار الأمثل
1. المجتمع والتعاون (Community and Collaboration)
البرمجيات مفتوحة المصدر تقوم على فلسفة التعاون والمشاركة. فهي تتيح للمطورين والمستخدمين من جميع أنحاء العالم العمل معًا لتحسين البرامج والمساهمة بأفكارهم ومهاراتهم.
هذا النوع من التعاون لا يعزز فقط سرعة التطوير والابتكار، بل أيضًا يخلق مجتمعًا نشطًا يدعم بعضه البعض ويتشارك الحلول والمشكلات.
2. التحكم الكامل والمرونة (Greater Control and Flexibility)
يفضل الكثيرون البرمجيات مفتوحة المصدر لأنها تمنحهم تحكمًا كاملاً في البرامج التي يستخدمونها. يمكن للمستخدمين عرض الكود البرمجي وفهم كيفية عمل البرنامج بدقة، مما يتيح لهم التأكد من عدم وجود أي وظائف غير مرغوب فيها أو مخفية.
بالإضافة إلى ذلك، تتيح لهم هذه البرمجيات تخصيص البرنامج حسب احتياجاتهم الخاصة، سواء بتعديل الأكواد أو إضافة ميزات جديدة.
3. فرص التعلم والتدريب (Opportunities for Learning and Skill Development)
البرمجيات مفتوحة المصدر هي بيئة مثالية للمبرمجين والمطورين الراغبين في تعلم تقنيات جديدة وتحسين مهاراتهم. بفضل إتاحة الكود للجميع، يمكن للطلاب والمبتدئين دراسة الكود البرمجي للمشاريع الكبيرة والمتطورة والتعلم من أمثلة حقيقية.
كما يمكنهم تجربة كتابة أكواد جديدة أو تحسين الأكواد القائمة ثم مشاركة نتائج عملهم مع مجتمع المصادر المفتوحة لتلقي تعليقات وملاحظات قيمة.
4. الأمان والشفافية (Enhanced Security and Transparency)
يتمتع العديد من المستخدمين بثقة أكبر في البرامج مفتوحة المصدر لأنها توفر مستوى عاليًا من الشفافية. بما أن الكود البرمجي مفتوح للجميع، يمكن لأي شخص في المجتمع التقني فحصه والتحقق من عدم وجود ثغرات أمنية أو أكواد ضارة.
هذا الفحص المجتمعي المستمر يساعد في اكتشاف الأخطاء وإصلاحها بسرعة أكبر مقارنةً بالبرمجيات مغلقة المصدر، حيث يعتمد المستخدمون على الشركة المصنعة لاكتشاف الأخطاء.
5. الثبات والاستدامة (Long-Term Stability and Sustainability)
تمثل البرمجيات مفتوحة المصدر خيارًا ممتازًا للمشاريع طويلة الأجل، حيث يمكن الاعتماد على هذه البرمجيات حتى لو توقفت الشركة المطورة الأصلية عن العمل عليها.
بفضل طبيعتها المفتوحة، يمكن للمجتمع التقني استكمال تطوير وصيانة هذه البرمجيات، مما يضمن استمراريتها واستدامتها على المدى البعيد. هذا يوفر راحة البال للمستخدمين الذين يعتمدون على هذه البرمجيات في مشاريعهم الكبيرة والحساسة.
6. التكلفة المنخفضة أو المعدومة (Low or No Cost)
من أكثر الفوائد وضوحًا لاستخدام البرمجيات مفتوحة المصدر هو توفير التكلفة. غالبية هذه البرمجيات مجانية تمامًا أو تتطلب تكاليف بسيطة مقارنةً بالبرمجيات الاحتكارية. هذا يجعلها خيارًا جذابًا للأفراد والشركات على حد سواء، خصوصًا تلك التي تسعى إلى توفير التكاليف دون التضحية بالجودة أو الأمان.
ما الفرق بين البناء من الأعلى للأسفل، و البناء من الأسفل إلى الأعلى؟
البناء من الأعلى إلى الأسفل Top–Down Build
عندما تقوم شركة آبل بطرح النسخة الجديدة من نظام التشغيل IOS، فإن فريق عمل الشركة وحده هو المسؤول عن تطوير نظام التشغيل وتحديثه، وتقديم كافة خدمات الصيانة الخاصة به. هذا يعني أننا سنحصل على منتج من شركة آبل وأي تفاصيل تتعلق به تتطلب عودتنا لشركة آبل نفسها.
لو قمنا بتمثيل هذا الأمر على شكل هرم، فإن شركة آبل نفسها ستكون بقمة الهرم والمستخدمين بأسفل الهرم، بمعنى أن كل المنتجات التي تصدر من شركة آبل ستسلك طريقاً واحداً، وهو الطريق من قمة الهرم إلى أسفله أي من آبل إلى المستخدم، ولا يمكن للمستخدمين أو أي شخص أو أي مطور آخر خارج الشركة أن يساهم بتطوير المنتج نفسه.
هذا النوع من العلاقات هو علاقة بجهة واحدة وهو ما يعرف بالبناء من الأعلى للأسفل Top-Down-Build.
البناء من الأسفل إلى الأعلى Down–Top Build
لنتخيل أن شركة جوجل Google تقوم بإصدار نسخة جديدة من نظام تشغيل الهواتف الذكية أندرويد Android، فهي لا تقوم بطرح نظام التشغيل فقط كي تقوم الشركات المصنعة للهواتف الذكية بشرائه، بل أيضاً تقوم بطرحه كي يقوم المطورون حول العالم بالاطلاع عليه وتطويره وتحسينه.
وهذا يعني نمط جديد من التواصل ونمط جديد من تبادل الخبرات، حيث يكون هناك تبادل معلومات وخبرات مستمرة بين الشركة والمستخدمين والشركات المصنعة للهواتف الذكية.
يمكن أيضاً بهذه الطريقة أن يطرح أحد المستخدمين نسخةً جديدة لهواتف الاندرويد Android، و قد تكون أفضل مما قد تقوم شركة Google نفسها بإصداره، هذا يعني أن عملية الحصول على منتج جديد لم تتم من جهة واحدة بل تتم بمشاركة العديد من الأشخاص.
هنا عملية البناء تتم من أسفل الهرم أي من قاعدة المستخدمين، وصولاً لأعلي الهرم وهي الشركة المصدرة للنظام، وهذا يسمي البناء من الأسفل إلى الأعلى Down To Top Build.
إستراتيجية البناء من الأسفل إلى الأعلى مطبقة تماماً على نظام التشغيل لينكس Linux، فمنذ أن تم إطلاق نظام تشغيل لينكس مفتوح المصدر عام 1991، وجعل كود المصدر الخاص به مفتوح للجميع، أصبح نظام تشغيل لينكس أحد أنجح أنظمة التشغيل على الإطلاق.
وذلك لأن عملية تطويره وإصدار نسخ جديدة منه تتم عبر مجموعات المطورين حول العالم وبشكل مستمر.
وإذا تم العثور على مشكلة أو ثغرة بأحد الإصدارات يستطيع أي شخص حول العالم أن يحاول تعديلها وتحسينها، وهذا ما جعل من نظام لينكس من أقوى الأنظمة ضد الفيروسات وهجمات القرصنة، وهو ما جعله أيضاً من أكثر الأنظمة تفضيلاً في مجال تشغيل خوادم الشبكات Network Server.
وهذا ما جعله أيضاً نظام التشغيل الأكثر انتشاراً حول العالم في مجال الحواسيب الفائقة أو الحواسيب الخارقة Super Computer، حيث تعتمد 95% من الحواسيب الفائقة حول العالم على نظام تشغيل لينوكس.
اقرأ أيضًا: أشهر لغات البرمجة وأهم استخداماتها (دليل شامل ومبسط)
نزعة أخلاقية لبناء عالم تكنولوجي مفتوح المصدر
لم تعد إستراتيجية العمل بالبرامج ولغات البرمجة مفتوحة المصدر مجرد تطور هام في مسار التطور التقني الحديث، بل أصبحت بالنسبة للعديد من الأشخاص فلسفة عمل مختلفة وفكر شامل جامع.
ففكرة المصادر المفتوحة تقوم بالأساس على مفهوم المشاركة Sharing، أي جعل كافة التفاصيل متاحة لأي شخص حول العالم وبشكل مجاني تماماً.
مفهوم مشاركة المعلومات Information Sharing له العديد من الآثار الإيجابية للعمل التقني بشكل عام ومن ضمنها:
- كسر حالة الإحتكار Monopoly التي تقوم بها الشركات التقنية الكبيرة.
- فتح الباب أمام المطورين والمبدعين حول العالم ليبرزوا قدراتهم بشكل أفضل.
- جعل مفهوم حقوق الملكية أكثر مرونة بما يساهم بتسهيل عملية نقل وتبادل المعلومات.
وانطلاقاً من هذه المفاهيم، أصبح هنالك ما يعرف بـ حركة المصادر المفتوحة Open Source Movement، والتي تؤمن بأهدافٍ نبيلة من التعاونية والتشاركية ومجانية تبادل المعلومات حول العالم، بدون أي قيود احتكارية أو تقييد لنقل المعلومات عبر حقوق الملكية.
هذه المفاهيم الرائعة أصبحت تشكل قيماً لمعظم المطورين الذين يعملون في مجال المصادر المفتوحة، وأصبحت هذه المفاهيم تمثل روح عمل وفلسفة تجمع ملايين المطورين حول العالم، مما قاد لنشوء مفهوم أخلاقي وفلسفي رائع ذو آثارٍ رائعة جداً، وهو مفهوم “البناء من الأسفل للأعلى Bottom-up-Build”.
الخاتمة
في النهاية، يعتبر مفهوم المصادر المفتوحة حجر الزاوية في عالم التكنولوجيا الحديثة. إنه لا يتعلق فقط بالبرمجيات أو الأنظمة التي نستخدمها، بل يمثل أيضًا فلسفة تقوم على التعاون والمشاركة والشفافية..
البرامج مفتوحة المصدر تقدم لنا حرية التحكم والتعلم والتطوير، وتتيح للمجتمعات حول العالم فرصة الابتكار بدون قيود احتكارية.
إن اختيارك لاستخدام البرمجيات مفتوحة المصدر لا يعزز فقط إنتاجيتك، بل يدعم كذلك ثقافة مفتوحة تعتمد على الإبداع والتطوير المستمر. لذا، سواء كنت مبرمجًا محترفًا أو مستخدمًا عاديًا، فاستكشاف عالم المصادر المفتوحة يمكن أن يكون خطوة مهمة نحو تطوير مهاراتك والمساهمة في بناء مجتمع رقمي أكثر انفتاحًا وتقدمًا.
لا تتردد في تجربة هذه البرمجيات، والتعرف على مجتمعاتها، والمشاركة في تطويرها أو دعمها. في نهاية المطاف، البرمجيات مفتوحة المصدر ليست مجرد أدوات، بل هي رؤية مشتركة لعالم أكثر تعاونًا ومساواة في الفرص.
شكراً جزيلاً على جهدك وطرحك المتميز
سلمت يداك
شكراً لكِ
جزاك الله خيرا … كلام جميل ومفهوم
شكراً لكِ
شكرا لك
عفواً هالة
جزاك الله خيرا… أسلوبك سهل وممتع
شكراً لكِ
شكرا لك
عفواً.
شكراً لك.
رائع..كيف يمكننا الاستفادة من برنامج كبرنامج ..libre office في تطوير الوثائق المكتبية والرسومات
البرنامج الذي ذكرته هو بديل لبرنامج الوورد ويمكنك استخدامه في تطوير الوثائق المكتبية كما تريد.
شكرا لك وتحياتي مع وافر الاحترام والتقدير ولاكن يوجد سؤال كيف استفيد ماديا من البرنامج الذي قمت بانشاءه بلغة مفتوح المصدر
واين الحقوق الملكية والفكريه للمبرمج ….وشكرا
شكرًا جزيلًا لك على تعليقك الإيجابي وكلماتك الطيبة.
بخصوص سؤالك حول الاستفادة المادية من برنامج مفتوح المصدر، هناك عدة طرق يمكن للمبرمج أن يستفيد ماديًا منها:
بيع خدمات الدعم والصيانة: العديد من الشركات والمبرمجين يقدمون خدمات مدفوعة لتثبيت البرنامج، صيانته، أو تخصيصه بما يتناسب مع احتياجات المستخدمين.
التطوير بناءً على الطلب: يمكنك توفير خدمات التخصيص والتعديل على البرنامج حسب احتياجات العملاء، حيث قد تحتاج بعض الشركات أو الأفراد إلى إضافات أو تعديلات خاصة.
بيع نسخ مدفوعة بميزات إضافية: بعض المطورين يقدمون نسخة أساسية مجانية من البرنامج، لكن يضيفون ميزات مدفوعة في نسخة أخرى (مثل نظام freemium).
التبرعات والرعاية: بعض المشاريع مفتوحة المصدر تعتمد على التبرعات من المستخدمين أو الحصول على رعاية من شركات أو جهات معينة تستخدم البرنامج.
أما بالنسبة لحقوق الملكية الفكرية، فلا يزال المطور يحتفظ بحقوقه على الأكواد والمشروع، ويحدد الترخيص الخاص بالبرنامج كيف يمكن للآخرين استخدامه وتعديله. يمكنك اختيار ترخيص يناسب احتياجاتك ويوفر الحماية اللازمة، مثل تراخيص MIT أو GPL، والتي تحدد بوضوح حقوق الملكية الفكرية وكيفية استخدام البرنامج.
إذا كان لديك أي استفسارات أخرى، لا تتردد في طرحها. شكرًا لك مرة أخرى على اهتمامك!