مهارات التواصل: ما هي وما طرق تحسينها بشكل عملي

مهارات التواصل

إذا لاحظت، فستجد أن البشر -وأنت وأنا منهم- يتفاعلون بشكل أفضل مع ما يتّصل بأرواحِهم ويقدّر واقعهم.

التعاطف والإنصات والمواساة والمساندة كلها صور من صور التواصل البشري الحميم. يخلق هذا التواصل جسورًا بين الأشخاص ويُرقّي من فهمهم لبعضهم، واستيعاب كافّة مشاعرهم.

لا يمكن أن تدّعي أنك تفهم شخصًا أو أن شخصًا يفهمك ما لم يقع بينكم تواصل على مستوى إنسانيّ عميق. هذا التواصل هو ما يقرّ العلاقات باختلاف اعتباراتها، سواءً في العمل أو الحيّ أو العائلة.

ولأن العالم لا يكفّ عن الاتّساع، وسقف التوقّعات يرتفع يومًا بعد يوم، فمهارات التواصل تختلف بالطبيعة هي الأخرى، ويحتاج المرء أن يتبنّى عدّة منها ليتكيّف مع وجه العالم الجديد.

والأسباب واضحة لتعلّم مهارات التواصل، وهي:

  • تعينك على فهم الآخرين، وتعينهم حتى على فهمك بشكل أوضح وأكثر شفافية.
  • تساعد على تيسير نقل ومشاركة المعلومات والأفكار بين الأفراد، دون أن يشعر أحدهم بالمهاجمة أو الاستياء.
  • التثقّف بمعلومات ومعارف الآخرين، وإصقال حتى المعرفة الذاتية، والحصول على توكيد وتصديق الدوائر القريبة على القيم والمباديء التي يتنبنّاها الأفراد في مجتمع ما.
  • توسيع دائرة العلاقات، وتمديد أواصر القرابة والصداقة، وحتى علاقات العمل مع الذين حولك.
  • الحصول على الدعم والنصح اللازم لاتّخاذ قرارات مهمة أو تخطّي العقبات والمحن.
  • تقليص فرص وقوع سوء الفهم والمناوشات والضغائن الناجم عن سوء التواصل أو الجدل.

أنواع مهارات التواصل

لأننا في عصر التنوّع، فلم يعد التواصل يقتصر على ما اقتصر عليه سابقًا كالمراسلة أو المخاطبة المباشرة مثلًا. بل امتدّ ليشمل الأنواع التالية:

1. التواصل اللفظي أو المخاطبة: وتشمل المحادثات المباشرة مع الآخرين وجهًا لوجه، أو عبر الهاتف أو أدوات الاتّصال الحديثة بشكل عام.

2. التواصل غير اللفظي: كالايحاءات والإيماءات ولغة الجسد، مثل حركة العيون وتعبيرات الوجه أو نبرة الصوت أو الإشارة باليد.

3. التواصل الكتابي: وهي كالمراسلات والمحادثات التي تتم كتابةً دون نطق، كالخطابات والمحادثات الإلكترونية والبرقيات.

4. التواصل بالتجسيم أو التشكيل: فالمجسّمات والتصاوير من أسهل وسائل توصيل المعلومات، وعادةً ما تفيد أكثر شيء لتبسيط المعلومات والتواصل مع الأطفال والأصغر سنًا أو مع ذوي الهمم.

والتواصل -كما تعرف- عملية متشابكة وتراكمية، فلا ينبغي الاكتفاء بنوع واحد خصوصًا في التواصل المباشر مع الآخرين كالتواصل اللفظي.

حيث يمكنك الجمع بين نبرة الصوت واشارة اليد ولغة الجسد ومحتوى الكلام لتعبّر عن فكرتك أو رأيك بأفضل طريقة، دون ترك فرصة لسوء التفاهم للتسلّل إلى نفوس الآخرين.

اقرأ أيضاً: أهم مهارات القيادة التي تحتاجها لتصبح قائد ناجح ومؤثر

أشهر مهارات التواصل الفعالة

أتعرف ما الذي يجعل المرء محبوبًا أو غير محبوب؟

نعم، كما خمنت. امتلاكه وممارسته لأشهر مهارات التواصل الفعالة بذات البراعة التي تجعله يهتم بتوصيل أفكاره، يهتم كذلك بمشاعر الآخرين من حوله أثناء حضوره. فكما يعتني بما يقوله، فهو يعتني بطريقة قوله.

إذا كنت تريد أن تكون متواصلًا فعالًا، لابد من تعلم مهارات التواصل بشكل تفصيلي؛ لتتمتّع بحضور قوي، وتوثّق علاقاتك بمن حولك، وتفتح آفاقًا جديدًا لنفسك عبر تلقّي وإعطاء المعلومات والخبرات والمعارف.

أشهر هذه المهارات هي:

1) الاستماع الفعّال

أول التواصل إنصات. فإذا كنت تريد أن تكون متواصلًا فعالًا، يجب عليك أن تنصت إلى مخاطبك وألّا تقاطعه مرارًا… حاول تجميع النقاط التي يحاول سردها في رأسك.

أظهِر للمتحدث كذلك اهتمامك وعنايتك بما يقول، مستخدمًا في ذلك حركات الجسد والعينين واليد. تجنّب النظر بعيدًا أو تتبّع الآخرين بعينيك حولك، أو حتى توجيه تعليقات جانبية لطرف ثالث غير الذي تخاطبه.

2) اللطف

اللطف هو الود الصّامت بينك وبين الآخرين. ابتعد عن إطلاق الأحكام أو العبارات الحادة أو المؤذية، حتى لو كنت تعتقد بصحّتها أو تشعر بإلحاح شديد لقولها.

فليكن كل ما يخرج من فمك لطيفًا ومرنًا. تذكّر أن الكلمات تقتل أحيانًا. أنت لا تريد أن تصدّ مَن أمامك أو تجعله يتشكّك في ذاته أو في اختياره لك للحديث.

احتفظ بابتسامة وإيماءة هادئة موافقة ومتفهمة، مع بعض التوكيدات اللفظية مثل: أفهمك، أقدّر ما تقول، أنا أصدقك، نعم صحيح، وهكذا..

3) اختيار أسلوب التواصل

لعله لا يخفى عليك أن البشر يختلفون في مستوى ثقافتهم. من الذكاء أن تستنبط الفئة التي تتعامل معها، والمرجعية الثقافية والعقلية الخاصة بها.

يساعدك هذا على اختيار الألفاظ والمترادفات التي يسهل عليهم فهمها وفهمك من خلالها. قد لا تريد أن تستخدم ألفاظًا شديدة التعقيد أو شديدة الركاكة بشكل عام. ابق لغتك بسيطة ومفهومة، وفي الوقت ذاته حقيقية وغير مفتعلة.

4) الثقة

ثقة المرء بنفسه تتسلّل عبر كلماته ولغة جسده وايمائته. طالما تعرف أن ما تقوله صحيح ونابع عن تجربتك -حتى لو اختلف معها الآخرون- فمن حقك الشعور بالثقة أثناء الحديث عنها.

في الوقت ذاته، أبدِ للآخرين مرونتك في حفظ السرّ أو نجواهم حتى لو لم يكن سرًا حقًا. شعورهم بالأمان تجاهك سيجعل التواصل مائة مرة أكثر سهولة ومرونة.

اقرأ أيضاً: ما هو الذكاء العاطفي وكيف تطوره وتستفيد منه عمليًا

5) إعطاء وتلقّي ردود الفعل

الجميع يريدون أن يتحدثوا بلا توقف. ونقصد بالجميع الجميع حقًّا. لكن عندما يكون التواصل لفظيًا أو مباشرًا، فمن الضروري أن تترك مساحةً للآخرين للردّ أو التعليق أو حتى التعديل.

اقتطع وقتًا لتتوثّق أن الطرف المقابل يفهمك بوضوح، وإذا ما كان هناك نقاط يرغب أن تعيدها عليها.

6) فهم الإشارات غير اللفظية

هناك شطر من بيت شعر شهير يقول: «كل لبيبٍ بالإشارة يفهمُ».

يقصد أن كل ذي عقل وإدراك يفهم بالإشارة والإيماء والتلميح ما هو أبعد من الكلمات.

على الرغم من أنها تحتاج فراسةً ليست بالقليلة، لكن يمكنك بسهولة شديدة أن تحاول أن تقرأ ما يحاول أن يوصّله المتحدّث خلف الكلمات. هل يشعر بالقلق أم الإحباط أم الحماس؟ هل يخفي عكس ما يقول، فينبغي عليك أن تستفهم منه أكثر عما يدور في خلده أكثر؟

كل هذا ستتمكّن منه بالتجربة والتواصل أكثر مع الآخرين في مواقف كثيرة.

7) نبرة الصوت

منذ الطفولة، والإنسان مجبولٌ على فهم الواقع المحيط به عبر نبرة صوت أمه والمحيطين به. اختيارك لنبرة الكلام عنصر حرج جدًا لتوصيل مشاعرك ورد فعلك للآخر دون تشويش، بل وحتى لتبقي المحادثة مستمرة.

على أية حال، تقييمك لمهاراتك الخاصة في التواصل نقطة محورية لمعرفة كيف يتلقّاك ويستجيب معك الآخرون، مثل معرفة نقاط قوتك وتعزيزها ونقاط ضعفك وتقويتها.

اقرأ أيضاً: ما هي المهارات الناعمة وكيف يمكنك اكتسابها (دليل شامل)

نقاط مهمة لابد من الاهتمام بها أثناء حديثك.

1. دع الشخص الآخر يفرغ تمامًا ممّا يحاول قوله، وانصت له بحرص وتركيز لتفهم تمامًا ما يريد توصيله لك.

2. اظهر انتباهك وتركيزك على ما يقول، واعتن بمراقبة حركة جسده وتعابير وجهه.

3. شجّع المتحدّث على الاسترسال في الحديث من خلال طرح الأسئلة الاستفسارية أو المفتوحة من حين لآخر.

4. إزالة المشتتات قدر المستطاع كالهاتف والحديث الجانبي مع الآخرين، والحرص على التواصل في بيئة مناسبة.

5. في ردّك عليه، كن صبورًا في شرح وجهة نظرك أكثر من مرة في حال شعرت أنه لم يفهم تمامًا ما تقصد.

6. إذا كنت تشعر بالضيق أو الغضب، أجّل أي نوع من التواصل حتى تهدأ وتفكّر بصفاء.

7. بشكلٍ عام، لا تلق على الآخرين نصائحَ لم يطلبها منك أحد خصوصًا تلك التي تتعلق بنمط حياتهم، إلا في حال شعرت أنها تهدّد صحتهم أو حياتهم بشكل مباشر.

هنا عليك العناية بأسلوب النصيحة الصحيح، وهو الهدوء والانفراد، والتأكيد على النقاط الجيدة في الشخص المقابل. ثم بعدها قدّم له نصيحتك مغلّفة بطريقة لطيفة، وبعيدة عن الاساءة الشخصية أو النقد اللاذع. اجعلها خفيفةً قدر المستطاع، وأكّد على تقبّلك لهذا الشخص مهما كان.

8. أجب على الأسئلة مباشرةً. لا تؤجّل الإجابة بدون داع حقيقي، إلا إذا كنت تخطّط لقول شيء ما سيجيب عليها.

9. جاوب على الأسئلة بالمعلومات الضرورية وليس بشرح مسترسل يشتت المستمع.

10. كن واضحًا بشأن نطاق الموضوع وأهداف طرحك له، والغاية من وراء فتحه أصلًا.

11. حاول الحصول على تعليقات من المستمع بشكل مستمر، لتجعل المحادثة متعدّدة الأطراف وليست مقصورةً عليك.

12. اطلب رأي المستمعين عندما تشعر بالخلاف.

13. كن مرنًا لتعديل لغتك وفقًا للجمهور أو مستلم الرسالة من معقدة إلى بسيطة، أو حتى العكس. قد يشعر الشخص المثقّف أنك لا تحترم عقله عندما تستخدم معه لغةً ركيكة أو بدائية.

14. لا تنسى أن توظّف جسدك للتعبير والتأكيد على الفكرة التي تحاول توصيلها. فإذا كنت تعبّر عن شيءٍ إيجابي، فلتتوافق اشارة يدك أو تعابير وجهك معها والعكس بالعكس.

اقرأ أيضاً: أهم مهارات التفاوض الأكثر فاعلية للحصول على ما تريد بذكاء

مكونات عملية الاتصال

قبل أن تعرف أشهر مهارات التواصل، عليك أن تعرف أصلًا ما هي مكوّنات تلك العملية الديناميكية. لأنك لا تستطيع حقًا فهمها وتبنّيها إلا إذا أدركت تمامًا كيف تعمل، وما هي العناصر التي تؤثّر فيها بالضبط، بل وما أهمية كلّ عنصر من هذه العناصر.

فماذا قد يكون شعورك إذا كنت تخاطب شخصًا ما في أمرٍ حرجٍ بالنسبة إليك أو حتى مسألة عابرة، ووجدته يعبث في هاتفه أو يمزح مع أحد العابرين؟

في دراسة أجريت مؤخرًا، تبيّن أن لكل أنواع التواصل قيمةً نسبيةً ما، وهي التي يتحدّد عليها معايير ذكاء المرء في عملية التواصل.

  • الكتابة 9٪
  • إعادة 16٪
  • التحدث 30٪
  • الاستماع 45٪

وكما تلاحظ، فالاستماع ينال نصيب الأسد من قيمة مهارات التواصل. وعلى كلٍ، إذا لاحظت في نصائحنا السابقة فستجد أن أغلبها يتمحور حول حسن الإنصات. وفي الأقسام والسطور التالية سنفصّل أكثر وأكثر في هذا الجانب.

اقرأ أيضاً: تنمية المهارات (كيف تنمي مهاراتك بخطوات عملية وفعالة)

عناصر التواصل

المرسل: هو الشخص الذي يشرع في عملية التواصل أولًا، وذلك عبر فتح نقاش أو طرح موضوع إما لفظيًا أو كتابيًا.

المُستقبِل: الشخص الذي يتلقّى الرسالة أو طرف النقاش، ويتفاعل معه ومع طارحه.

الرسالة: وهي مجموعة المعلومات والأفكار المتبادلة بين المرسِل والمستقبِل.

الوسيلة: وهي طريقة إرسال وتلقّي هذه الرسائل أو المحادثات، وهي إمّا شفهية أو نصّية أو مرئية كما بيّنا.

الاستجابة: تعني رد الفعل والاستجابة مع مضمون ومحتوى الرسالة أو المحادثة، سواء بالاتّفاق أو المعارضة، أو القبول أو الرفض، أو حتى التجاهل كليةً.

اقرأ أيضاً: طرق اكتساب مهارات جديدة في الحياة العملية

طرق تحسين مهارة الاستماع

الآن عودة إلى مهارة الاستماع كواحدة من أشهر مهارات التواصل الفعّالة، وربما كذلك أهمها على الإطلاق.

فكما قلنا، مهارة الاستماع تمثل زهاء نصف عملية التواصل بأكملها. وإذا أردت الحق، فهي مهارة صعبة الممارسة، فضلًا عن إتقانها حتى.

الجميع -خصوصًا مع تعاظم المدخلات من الإعلام، وتصادم وانقسام آراء الجمهور- يريدون أن يتحدثوا ويسترسلوا دون توقف أو مقاطعة. وحتى في المسائل الشخصية أو العملية، يحدث كثيرًا أن يبدأ المرء في الحديث دون أن يعبأ بأن الآخرين بحاجة للرد أو التعبير عن أنفسهم.

بل وأن البعض -للأسف- يهتم أكثر بالانتصار اللحظي دون أن يهتم بالاستماع من الطرف الآخر، سواءً في نقاش عادي أو جدال.

على أيّة حال، يتطلّب احتراف مهارة الاستماع إلى احترام كبير للذات وللآخرين. لأنك بها تسمح لهم أن يعبّروا عن أنفسهم، بينما تسمح لذاتك أن تعبّر عنها أيضًا. وهذا يتطلّب احترامًا متبادلًا.

وفي ذات الوقت، كونك مستمعًا جيدًا يمكّنك من تلقّي أكبر قدر من المعلومات والتعرّض لخبرات ومعارف -وحتى لغويات- أكثر، بينما تتمكّن في ذات الوقت من ترتيبها لصنع فكرة واضحة عما يحاول الآخر قوله.

اقرأ أيضاً: كيفية عمل CV ناجح تستقطب به أرباب العمل وتفوز بالوظيفة

إليك عدّة نصائح نعتقد أنك ستحتاج إلى معرفتها لتبنّي واحدة من أشهر مهارات التواصل، وهي الاستماع:

1) اطرح المزيد من الأسئلة

عندما تحاول فهم أحدهم، تأكّد من أنك قد غطيت كل الجوانب التي تعتقد أنها ستفيدك في تكوين فكرتك. بعض التفاصيل قد يغفل عن ذكرها المتحدث، ولا طريق لمعرفتها إلا بالسؤال عنها.

وجب أن نشير كذلك إلى أن طرح الأسئلة هو في حد ذاته مهارة أخرى مستقلة، وهي في الحقيقة تقيس مدى إدراك طارح الأسئلة وفراسته.

أعني أنك لا تتوقّع أن يحكي لك أحدهم مسألةً طويلة عريضة عن قرار حياتي مهم، فيكون أول ما يسأل عنه مخاطبه هو شيء آخر لا علاقة له بأي شيء كالطقس مثلًا.

وفي ذات الوقت، ينبغي ألّا تكون الأسئلة مفتوحةً إلى حدٍ قد يغير مسار الموضوع أو يضاعف حجمه.

وبالتأكيد، طرح الأسئلة يعني أن المُستقبِل يولي اهتمامًا وتركيزًا لصاحب الحديث، وهو ما سيدفعه بالضرورة لمزيد من المشاركة والانفتاح معه.

من بعض نماذج هذه الأسئلة:

  • هل يمكن/تريد أن تخبرني المزيد عن هذا الموضوع؟
  • ما هو مثال على ذلك من تجربتك؟
  • هل لديك أي قصص جيدة عن ذلك؟
  • ما الذي جعلك مهتمًا جدًا بمتابعة ما تفعله؟
  • ما هو أكبر درس تعلمته مما حدث؟

2) تحديد الوقت المتاح

من خلال تحديد توقعات المخاطب بالوقت المتاح، سيزيد ذلك فعليًا من كفاءة المحادثة، لذلك أبدأ المحادثات من خلال السماح للناس بمعرفة مقدار الوقت المتاح لك للتحدث معهم.

بالطبع لن تقول صراحةً أو بلا ذوق أن لديك نصف ساعة، وأن عليه أن ينتهي مما يريد أن يقوله سريعًا، وإلا فستتركه يحدث نفسه.

لكن ربما ستشير بشيءٍ من اللطف أنك تريد الاستماع إليهم لأطول وقتٍ ممكن، لأنك حقًا تستمتع بالحديث معهم، على أنّك هذه المرة تمتلك نصف ساعة حتى ميعاد القطار أو العمل أو الرحيل أو أي شيء آخر.

تذكر نقطة اللطف التي أشرنا إليها سابقًا؟ الآن نؤكّد عليها ونزيدك من الشعر بيتًا. من المهم أن تتحكّم بوقتك ويومك بنفسك لا أن تجعله عرضةً للآخرين (وإلّا فلن تتمكّن من أي شيء أبدًا).

لكن في ذات الوقت تحلّ بذكاءٍ عاطفي يُشعر الآخرين بالتقدير والحماس من جانبك، بل وحتى الصدق على الحديث معهم.

ومن هنا يكون الأمر واضحًا من البداية، ويتحدث الشخص معك براحة تامة، كما يجب أن تكون حاضرًا تمامًا خلال الوقت الذي قمت بتحديده -ما لم يطرأ طاريء لا يد لك فيه بالطبع.

اقرأ أيضاً: 5 مهارات أساسية يجب أن تتوفر في كل صاحب بيزنس

3) قلّل من الحديث والمقاطعة قدر الإمكان

كما تعلّمنا في المدارس قديمًا. عكس الاستماع هو الكلام. ولا تستطيع أن تستمع وتتكلّم في ذات الوقت.

أنت تريد أن تمنح المقابل فرصته كاملةً في الحديث والتعبير عن نفسه على أتمّ وجه دون مقاطعة، ربما بسؤال ذي قيمة هنا أو هناك.

اسمح لنفسك باستقبال أكبر قدر ممكن من المعلومات والأفكار. إذا كان لديك تعليق مُلح لا يحتمل التأجيل، فربما يمكنك قوله. وإلّا فالأفضل أن تحتفظ به حتى النهاية.

قد تؤدي المقاطعة إلى تشتيت المتحدّث وإرباكه، وربما حتى إزعاجه. المهم أن تمنح للمتحدث تجربةً طيبةً وفعّالة معك.

المهارات السابقة مخصّصة فحسب للاستماع، أما الثلاث أو أربع نصائح القادمة فهي تشمل كل جوانب عملية الاتصال. وهي:

4) إتقان فن لغة الجسد

سواءً كنت مستمعًا أو متحدثًا، فالجسد والوجه يقولان نصف ما تريد قوله، والبقية تعبّر عنها بلسانك أو كتابتك.

تعلّم كيف تقنع الآخرين أو تشرح وجهة نظرك لهم بتعزيزٍ من تعبيرات وجهك واشارة يدك وحتى وضعية وقوفك أو جلوسك. ثم أن عليك أن تفهم دلالتها أنت كذلك؛ لتفهم ما يحاول مخاطبوك قوله ضمنيًا من خلال تعبيراتهم هم أيضًا.

فضم الأيدي يعني التحفّز أو التكتّم، وقد يتعارض هذا مع ما يقوله الآخر أنه ليس غاضبًا أو متوترًا مثلًا، أو أنه لا يخفي شيئًا (بينما ضمّه لذراعيه يقول العكس).

وقد يشير الجلوس على طرف المقعد إلى الحماس أو الاستعداد أو الانفعال، وبذلك تفهم أن محدّثك يهتم حقًا بما يقول أو أنه متأثّر بصدق.

اقرأ أيضاً: كيف تصبح HR (دليل بكل ما تحتاج من معلومات ومصادر)

5) مشاركة الآخرين

يحب البشر الاستماع والتقدير. وغالبًا ما يحبون الإنصات إلى مَن يقبل سماعهم أيضًا.

لذلك، فكن الطرف المتفاعل المستمع في النقاش، لا المستمع الصامت. مهم أيضًا أن تعرف أين ومتى وكيف تشارك وتتفاعل. ليس كل التفاعل محمودًا.

فربما تعتقد أن الوقت مناسب لقول تعليق ما، بينما قد يستفز هذا الآخر أو يشتّت تركيزه.

أما إذا لم تكن متأكدًا حول الطريقة الصحيحة للمشاركة، فربما تكتفي بتعبيرات الوجه الصريحة أو الإيماءات والهمهمات التي تفيد المتابعة والاندماج. يعني أن تومأ بالإيجاب إذا كنت متفقًا أو مصدقًا لما يقوله الآخر، أو تعقد حاجبيك إذا سمعت شيئًا يؤلمه أو صادمًا.

الصمت في مجمله طيّب. لكن الصمت المتفاعل هو الأفضل!

6) لا داعي للخجل

سواءً كنت المخاطب أو المستمع، فلا داعي أن تشعر بالخجل أو التوتر من خوضك محادثةً خصوصًا مع أشخاص تقابلهم لأول مرة.

البعض كذلك يخجلون من طريقة كلامهم أو لعثمتهم أو لثغاتهم أو حتى ابتساماتهم، فيرفضون المشاركة أو الحديث ويفضّلون الانطواء.

وهو أمر خاطيء في الحقيقة، إن لم يكن خطرًا كذلك. فهذه العوامل أو غيرها ليست مدعاةً للخجل لأنها لا تحدّد مَن أنت ولا قيمتك. بل وأنه يندر أن يهتم أحد بها بالأساس.

وفي الواقع، إذا كان لأحدهم رغبة في السخرية من أي شيء حولك، فهم بالأساس ليسوا الفئة الأفضل لتكون حولهم حتى لو كانوا الأفضل بنظرك. بنسبةٍ كبيرة فهذا يعني أنهم أشخاص سامّون أنت لا تريد أن تكون حولهم.

في النهاية، كل ما تريده وتحتاجه لعلاقات اجتماعية ولدوائر معارف أوسع وأعلى جودة هو أن تتحلى بمهارات التواصل الفعالة التي تساعدك على فهم الناس، وشرح نفسك لهم، وترقية الرابط الانساني بينك وبينهم.

موضوعات أخرى ستعجبك

عن الكاتب

4 أفكار عن “مهارات التواصل: ما هي وما طرق تحسينها بشكل عملي”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top